من الطبيعي الشعور بألمٍ بعد أي عمليةٍ جراحية فترةً من الوقت، ومن السهل كذلك التغلُّب على ذلك الألم بتناول المُسكِّنات التي وصفها الطبيب، لكن ذلك قد لا ينطبق على بعض المرضى الذين اشتكوا من الم بعد عملية دوالي الخصية اليسرى، فبعد تجاوز فترة التعافي، قد يدل ذلك الألم على مشكلاتٍ خطيرة، فما هي أسباب ذلك الألم؟
ما هي مدة عملية دوالي الخصية؟
يختلف الوقت الذي تستغرقه عملية دوالي الخصية حسب نوع العملية، وطبيعة الإجراء الجراحي، فمثلًا تستغرق الجراحة الميكروسكوبية لدوالي الخصية 30 دقيقة لكل خصية على حدة، ومِنْ ثَمّ فقد تصل مدة عملية دوالي الخصية إلى ساعةٍ تقريبًا بالميكروسكوب الجراحي، وقد تصل أحيانًا إلى 3 ساعات.
أمَّا عند إجراء عملية دوالي الخصية بالمنظار، فيُتوقَّع أن يبلغ وقت العملية 30 – 40 دقيقة.
هل توجد آثار جانبية لعملية دوالي الخصية؟
مع أنّ نسب نجاح عملية دوالي الخصية مرتفعة، ونتائجها مضمونة، وسعادة كثيرٍ من المرضى بعد إجرائها، خاصةً مع اختفاء أعراض دوالي الخصية، إلّا أنّ ذلك قد يشوبه بعض الآثار الجانبية والتي قد تحدث لبعض المرضى دون آخرين، كما تختلف شدتها وفرص ظهورها من مريضٍ لآخر حسب:
- طبيعة الإجراء الجراحي.
- التزام المريض بتعليمات الطبيب قبل وبعد العملية.
- خبرة الجرَّاح.
وتشمل أبرز الآثار الجانبية لعملية دوالي الخصية ما يلي:
- العدوى
إنشاء شقٍ جراحي، ولو دقيق، في أثناء عملية دوالي الخصية، يضر الجلد، العضلات، الأعصاب، وبنية كيس الصفن عمومًا، وذلك قد يزيد فرص الإصابة بالعدوى بالتأكيد، وهذا ليس محصورًا في عملية دوالي الخصية، بل يتعلَّق بأي عملية جراحية عمومًا.
ويسع المريض تجنُّب الإصابة بالعدوى بتناول المضادات الحيوية التي يصفها الطبيب، وإجراء العملية في بيئة مُعقَّمة تعقيمًا جيدًا.
- الألم
يشكو بعض المرضى من الم بعد عملية دوالي الخصية اليسرى، فمنطقة كيس الصفن حساسة للغاية، وكذلك الأوردة التي تمرّ بها.
وقد يساعد استخدم الأدوات الجراحية خلال العملية إلى تلف الأوردة الموجودة في كيس الصفن، مما يُؤدِّي إلى ظهور الم بعد عملية دوالي الخصية اليسرى، قد لا يُطاق في بعض الأحيان.
- النزيف
طبيعيٌ أن يحدث بعض النزيف خلال التدخل الجراحي، ونظرًا لحساسية المنطقة التي يتعامل معها الطبيب، فإنّ أي شقٍ جراحي قد يُسبِّب نزيفًا.
يُمكِن للمريض تجنُّب مخاطر النزيف قبل عملية دوالي الخصية، بالامتناع عن تناول أدوية السيولة، مثل: الأسبرين، قبل العملية بفترةٍ من الوقت يُحدِّدها الطبيب، وكذلك اختيار طبيبٍ خبيرٍ؛ لتفادي الآثار الجانبية المحتملة لعملية دوالي الخصية.
- تلف الأعصاب
قد تتسبَّب دوالي الخصية نفسها في تلفٍ كبير للأعصاب المُتصلة بكيس الصفن والخصية، ومن المُؤكَّد أنّ العملية تُصلِح الخلل الوريدي المُسبِّب لدوالي الخصية.
ولكن مُجرَّد خرق الجلد، والتدخل الجراحي، قد يُسبِّب تلفًا لبعض الأعصاب أحيانًا.
- احمرار أو تورُّم الوريد
قد يُؤدِّي استئصال الأوردة التي تتعرَّض لتدفُّق مفرطٍ للدم، أو غيابه تمامًا، إلى تعريض كيس الصفن للأوردة الأخرى، مِمّا يُسبِّب احمرار أو تورُّم المنطقة المُحِيطة بموضع إجراء العملية.
- القيلة
القيلة هي تجمُّع سائلٍ مصلي حول كيس الصفن؛ نتيجة اضطراب تدفُّق السائل الليمفاوي إثر عملية دوالي الخصية.
ربّما يزداد حجم القيلة بمرور الوقت، وتضغط على كيس الصفن، لكن من النادر أن تنفجر، أو تُسبِّب مشكلات مُعقّدة، ويُعدّ التدخل الجراحي أمثل خيارٍ لتصحيح هذه المشكلة.
- ربط الشريان الخُصوي
الربط الخاطئ للشريان الخُصوي، يمنع وصول الدم إلى الخصية كما ينبغي، ومِنْ ثَمّ قد تتأثَّر وظائفها الحيوية على النحو التالي:
- ضمور الخصية.
- نقص إنتاج التستوستيرون.
- تراجع جودة الحيوانات المنوية.
لذا يُوصَى دومًا باختيار جرّاح خبير لإجراء عملية دوالي الخصية؛ لإجراء العملية بأعلى نسبة نجاحٍ ممكنة، والوقاية من الآثار الجانبية لها.
لماذا يحدث الم بعد عملية دوالي الخصية اليسرى؟
يشكو بعض المرضى من الم بعد عملية دوالي الخصية اليسرى مباشرةً، وذلك لا يستمر كثيرًا عادةً (3 – 4 أسابيع على الأكثر)، ويُمكِن التعامل معه بمُسكِّنات الآلام التي يصفها الطبيب، أمَّا لو ظهر الم بعد عملية دوالي الخصية اليسرى بفترةٍ من الوقت، أو استمرّ فترةً أطول من المعتاد، فلذلك أسباب أبرزها ما يلي:
- عودة دوالي الخصية
رغم تقدُّم التقنيات الجراحية، إلَّا أنَّ عودة دوالي الخصية بعد استئصالها من المشكلات الشائعة، وهو من أهم أسباب الألم المستمر بعد الاستئصال، كما تختلف فرص عودة دوالي الخصية، تبعًا للإجراء الجراحي المُتَّخذ.
اتُهمت بعض العوامل بكونها مُساهمة في عودة دوالي الخصية بما في ذلك الأوردة المنوية الداخلية، والأوردة الجانبية، وللتقييم الدقيق لعودة دوالي الخصية، استخدم الأطباء السونار في التشخيص.
يُمكِن التعامل مع عودة دوالي الخصية بجراحةٍ أخرى، يُحدِّدها الطبيب حسب حالة المريض، وتقييمه الشخصي، وإن عُدّت الجراحة الميكروسكوبية خيارًا مثاليًا في كثيرٍ من الحالات.
- ألم عصبي (Neuralgia)
هؤلاء المرضى الذين اشتكوا من الم بعد عملية دوالي الخصية اليسرى، استمرّ أكثر من 3 أشهر، مع وجود نتيجة سلبية بعد استخدام السونار، ومسح المسالك البولية العُليا، ترجّحت إصابتهم بألم محتوى كيس الصفن المزمن (Chronic scrotal content pain).
وظنّ الباحثون أنّ ذلك الألم المزمن؛ بسبب تنكس واليريانيّ (تنكس دهني للألياف العصبية) للأعصاب المُغذِّية ل:
- العضلة المُشمِّرة.
- غمد الأوعية الدموية.
- الأنسجة المحيطة بالأوعية الدموية.
- نسيج الحبل الخلفي الشحمي.
واقتُرح أن يكون العلاج لهذه الحالات مُعتمدًا على:
- علاج قاع الحوض.
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، مثل: أميتريبتيلين.
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، مثل: إيبوبروفين، ديكلوفيناك.
- غابابنتين.
- باسط العضلات.
وثمّة خيارٌ علاجي آخر، يتضمَّن حجب الحبل المنوي عبر حقن مُخدِّر موضعي؛ لتخفيف الألم قليلًا، أو استخدام الجراحة المجهرية (الميكروسكوبية) في بتر الأعصاب الخاصّة بالحبل المنوي، أو بتر الأعصاب المُوجّه.
ويمكن أيضًا التغلُّب على مشكلة الألم العصبي عبر تحفيز الأعصاب الطرفية أو الحبل الشوكي، أو الاستئصال بالتبريد لأعصاب الأنسجة المُحِيطة بالحبل المنوي.
- ألم رجيع
الألم الرجيع من أسباب ظهور الم بعد عملية دوالي الخصية اليسرى، ويُعنى بالألم الرجيع هو وجود الألم في مكانٍ بعيدٍ عن مصدر أو مكان صدور الألم الأصلي.
قد تُسبِّب بعض مشكلات الجهاز البولي والتناسلي الشديدة ألمًا في كيس الصفن، مثل: التهاب الخصية، أو التهاب البروستاتا المزمن، ومِنْ ثَمَّ فمصدر الألم ليس كيس الصفن ذاته.
ونظرًا لتشارك الخصيتين، الكلى، والبروستاتا نفس الإمداد العصبي اللاإرادي، فوقوع مشكلةٍ بأي منهم، قد يصحبه ألم في كيس الصفن أو المنطقة الأُربية.
كذلك فإنّ التهاب البربخ المزمن سبب محتمل لظهور الم بعد عملية دوالي الخصية اليسرى؛ نتيجة العدوى جراء العملية الجراحية، أو إصابة مسبقة بعدوى فيروسية أو بكتيرية.
وذكرت دراسةٌ أنّ التهاب المثانة الخلالي سببٌ محتمل أيضًا لألم كيس الصفن، المصاحب لآلام الحوض، ومشكلات التبوُّل.
- القيلة
القيلة من أكثر المشكلات ورودًا بعد عملية دوالي الخصية، وإن تراجعت فرص الإصابة بها كثيرًا مع اللجوء إلى الجراحة الميكروسكوبية، وإن لم تنعدم بالطبع، وذُكر بأنه من أسباب الألم المُمكِنة بعد عملية دوالي الخصية.
- متلازمة كسَّارة البندق
هي متلازمة تحدث نتيجة الضغط على الوريد الكلوي الأيسر، أو انحصاره بين الشريان المساريقي العُلوي والأبهر البطني.
يزداد الضغط داخل الوريد الكلوي الأيسر، ومِنْ ثَمّ يتسع وريد الغدد التناسلية الأيسر، وتشمل الأعراض الرئيسة لمتلازمة كسارة البندق ما يلي:
- نزول دم مع البول.
- ألم الخاصرة في الناحية اليسرى.
- دوالي الخصية.
وثمّة أعراضٌ أخرى لمتلازمة كسارة البندق، مثل: ألم البطن، وألم كيس الصفن، وصعوبة التبوُّل، وتسارع دقّات القلب.
من الصعب تشخيص متلازمة كسارة البندق، فضلًا عن رصدها أن تكون سبب وجود الم بعد عملية دوالي الخصية اليسرى، لكن يُعدّ الأفراد النحيفون وذوو القامة الطويلة، أكثر عُرضةً لهذه المتلازمة؛ بسبب الزاوية الحادة بين الشريان المساريقي العلوي، والأبهر البطني.
شكل الخصية بعد عملية دوالي الخصية
قد يبدو كيس الصفن متورمًا قليلًا بعد عملية دوالي الخصية، وكذلك قد يُعانِي كدمات، لكن يزول ذلك سريعًا في غضون 3 – 4 أسابيع، ويستعيد كيس الصفن والخصية الشكل الطبيعي.
ويُنصَح خلال هذه الفترة لاستعادة الشكل الطبيعي باستخدام كمادات الثلج على المنطقة المصابة لمدة 10 دقائق على الأقل، على أن يُكرَّر ذلك خلال اليوم، ومن المهم كذلك الحفاظ على نظافة الجرح، وجفاف المنطقة.
هل يدل الم بعد عملية دوالي الخصية اليسرى على مضاعفات خطيرة؟
لا، ليس بالضرورة؛ إذ طبيعي يشكو المرضى من الم بعد عملية دوالي الخصية اليسرى، بوصفه أثرًا جانبيًا مُتوقّعًا للعملية، وذلك قد يستمر 3 – 4 أسابيع، يُنصَح المريض خلالها بتناول الأدوية التي وصفها له الطبيب؛ لتسكين ذلك الألم والحد منه.
أمّا لو زاد الألم سوءًا، أو استمرّ فترةً طويلة، أو صاحبته مضاعفات أخرى (مثل القيلة)، فذلك قد يشير إلى مضاعفات خطيرة، ربّما تحتاج تدخلًا جراحيًا جديدًا للتعامل معها، كما قد تدل أحيانًا على عودة دوالي الخصية، فاستشر طبيبك في أقرب وقتٍ ممكن.
متى يجب زيارة الطبيب؟
إثر نجاح عملية دوالي الخصية، وتلقِّي الرعاية اللازمة، والذهاب إلى المنزل، يجب زيارة الطبيب إن عانى المريض أيًا من الأعراض الآتية خلال فترة التعافي:
- نزيف شديد من موضع الجرح.
- ارتفاع درجة الحرارة إلى 38 درجة مئوية أو أكثر.
- وجود علامات للعدوى، مثل: تورُّم أو احمرار موضع الجرح.
- تفاقم الم بعد عملية دوالي الخصية اليسرى أو اليمنى، وعدم تحسُّنه رغم تناول الأدوية.
- عدم اختفاء التورُّم في كيس الصفن بعد الفترة المُقدّرة له.
- الشعور بألمٍ في أثناء التبول.
المصادر